الاثنين، 10 فبراير 2020


"حق العودة" للاجئين الفلسطينيين:
حق قانوني وانساني لشعب، وقومي لأمة
دراسة من إعداد الباحثة: د. ليلى نقولا الرحباني
مقدمة
تشكل قضية اللاجئين الفلسطينيين واحدة من أبرز ظواهر اللاجئين في القرن العشرين، بل لعلها الفصل الاكثر مأساوية في قضايا اللاجئين في العالم ، ففيها تختلط العوامل الدينية بالقومية والانسانية بالقانونية والوجودية، مما يحوّلها قضية مزمنة تجاوزت فصولها القضية الفلسطينية لتشكل هاجساً دولياً واقليمياً وقومياً، بقدر ما هو هاجس يطال الشعب الفلسطيني برمته.
سنعالج في هذه الورقة "حق العودة" لللاجئين الفلسطينيين من منظوري القانون الدولي العام والقانون الدولي لحقوق الانسان، لنثبت انه حق جماعي لشعب وليس مجرد حق فردي فحسب، ثم نتحدث عن خطر تحول هذا الحق القانوني والسياسي والانساني الى مجرد حق اقتصادي بالتعويض، فالتعويض يرتبط ارتباطاً وثيقاً بحق العودة وليس بديلاً عنه. وفي القسم الاخير سنوجز تداعيات التفريط بهذا الحق على القضية الفلسطينية وعلى مصير الامة ككل.
أولاً- حق كفله القانون الدولي العام:
من الناحية القانونية والسياسية، يرتبط "حق العودة" للاجئين الفلسطينيين بحقهم في "تقرير المصير"، الذي أصبح- بعد التطورات التي لحقت بالقانون الدولي على أثر نشوء الامم المتحدة وتصفية الاستعمار- حقاً دولياً ذاتي الالزام، يقضي تنفيذه من دون عرقلة ولا ابطاء ولا تردد ولا تجزئة، بل تحول الى أحد القواعد الآمرة في القانون الدولي، بحيث يمكن ابطال أي اتفاق دولي يخالفه او يعرقله.(1)
وحق تقرير المصير هذا يعني "حق شعب ما في أن يختار شكل الحكم الذي يرغب العيش في ظلّه والسيادة التي يريد الانتماء إليها».حق شعب ما في ان يختار شكل الحكم الذي يرغب العيش في ظله والسيادة التي يريد الانتماء اليها"، وقد اعترفت به الامم المتحدة كـ "حق"right وليس كمجرد مبدأprinciple أو قرار سياسي. ثم اقرّت الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الانسان الاساسية هذا الحق وأوردته في نصوصها، على الشكل التالي:" تملك جميع الشعوب حق تقرير مصيرها، وتملك بمقتضى هذا الحق حرية تقرير مركزها السياسي وحرية تأمين إنمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي".
ويعتبر حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم حق ثابت في القانون الدولي بموجب أكثر من نص، فقد اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة أكثر من مئة قرار ونّيف لغاية الآن، اعادت التأكيد فيها على القرار 194، وأقرت بحق اللاجئين بالعودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي هُجروا منها، ودعمت موقفها بالربط بين الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني "غير القابلة للتصرف"، وبين حق العودة والحق في تقرير المصير. وهذا يفيد ان الامم المتحدة قد ربطت حق الفلسطينيين بالعودة بمصيرهم كشعب له الحق في تقرير مصيره، وليس فقط كأفراد ضمن اطار جمع الشمل فقط، وتبنت في اكثر من قرار التأكيد على "حقوق الشعب الفلسطيني الثابتة في فلسطين ولا سيما الحق في تقرير مصيره دون تدخل خارجي، والحق في الاستقلال والسيادة الوطنيين"(1).
وكما أوردنا فقد أكد القانون الدولي، حق الفلسطينيين في العودة، من خلال قرارات أممية لا تحصى، نذكر اهمها:
1- القرار رقم 194: الصادر عن الجمعية العامة للامم المتحدة في 11 كانون الأول 1948(2) والذي يعتبر القرار المركزي الذي يكفل للفلسطيين حق العودة، والذي تحيط به مجموعة من المعايير السياسية والقانونية التي تجعله يتضمن أهمية استثنائية، وفق ما يلي:
- اقرار اسرائيل بقبولها تطبيق قرارات الامم المتحدة - ومنها القرار 194- كشرط لقبولها عضواً في المنظمة، وفي هذا الاقرار تأكيد لحق الفلسطيينين في العودة، ووثيقة يمكن للفلسطينيين التمسك بها لمطالبة اسرائيل بتطبيق تعهداتها الدولية.
- صدور القرار بناء لتقرير رفعه المندوب الاممي "الكونت برنادوت" قبل اغتياله من قبل الاسرائيليين، أكد فيه أحقية الشعب الفلسطيني " المضطهد" في العودة الى بلاده والتعويض عن الاضرار التي لحقت به.
- بالرغم من صدوره عن الجمعية العامة للامم المتحدة، والتي تصدر قراراتها بصفة التوصيات، لكن يتسم هذا القرار بصفة الالزام وقوة القرارات الملزمة، ذلك لان الاجتهاد الدولي يغلب الزامية القرارات التي: 1) تحظى بنسبة عالية من الاصوات والتي يكون تمثيلها الجغرافي كاملاً.
2) القرارات التي تعود الجمعية العمومية لتؤكد عليها في قرارات اللاحقة...
وهذان الشرطان ينطبقان كلياً على القرار 194.
- القرار 237 الصادر في 14 حزيران 1967:
لم يتضمن هذا القرار جديداً وانما جاء ليؤكد على ضرورة التزام اسرائيل قرارات الامم المتحدة، ويؤكد على حق لاجئي العام 1967 – الذين وُصفوا بـ"النازحين"- بالعودة الى ديارهم كـ"مجموعة بشرية" تتمتع بحقوق انسانية واضحة وليس كأفراد يطالبون بجمع الشمل كما يريد الاسرائيليون تسويقه.
ثانياً: حق كفله القانون الدولي لحقوق الانسان
بالاستناد الى معايير القانون الدولي لحقوق الانسان، يعتبر حق اللاجئ في العودة الى الديار من حقوق الانسان الاساسية غير القابلة للتصرف، وهي حقوق غير خاضعة للمساومة، ولا التنازل والتي لا تسقط، فهي تربط بينه وبين الارض التي اضطر قسراً الى مغادرتها ولسبب مبرر، على ان يمتلك الحق في العودة الى ارضه فور زوال السبب.
واذا اخذنا المادة 13 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان(1) وبنود اتفاقية جنيف الرابعة وغيرها من اتفاقيات القانون الدولي الانساني، نلاحظ ان حق اللاجئين الفردي والجماعي بالعودة إلى ديارهم والعيش في وطنهم هو حق طبيعي وأساسي من حقوق الإنسان، ويستمد مشروعيته من حقهم التاريخي في وطنهم، ولا يغيره أي حدث سياسي طارئ، او اي اتفاقية ثنائية، ولا يسقطه أي تقادم. وحقوق اللاجئين هذه في العودة الى "بلدهم" لا تنحصر في دولة "الجنسية" فحسب - كما تدّعي اسرائيل - انما تشمل محل الاقامة العادية ايضاً.
ونلاحظ من تعريف "اللاجئ" في مواثيق القانون الدولي الانساني انه يرتب حقوقاً لهذا اللاجئ في ارضه ووطنه -الذي اضطر ان يغادره قسراً - وليس فقط تجاه "دولته" بالمفهوم القانوني الضيق للكلمة، مما يشير ان الادعاء الاسرائيلي بحق العودة الى اراضي الدولة الفلسطينية دون سواها هو ادعاء ساقط بموجب القانون الدولي العام والقانون الدولي لحقوق الانسان.
ويعد حق اللجوء، بصورة عامة من الحقوق الانسانية التي أكدها الاعلان العالمي لحقوق الانسان عام 1948. فقد نصت المادة 14 من هذا الاعلان (2) على هذا الحق وكفلته، ثم اقرّت اتفاقية 1951 تعريفاً عالمياً للاجئ (3) لكنها استثنت من احكامها اللاجئين الفلسطينيين، واعتبرت ان نطاقها لا يشمل الاشخاص الذين يتلقون في الوقت نفسه أي نوع من الحماية أو المساعدة من احدى وكالات الامم المتحدة وأجهزتها( الاونروا)، عدا المفوضية العليا لشؤون اللاجئين.
وقد عرّفت وكالة الاونروا اللاجئ الفلسطيني بأنه "أي شخص كانت فلسطين مكان إقامته الطبيعي خلال المرحلة الممتدة من حزيران 1946 إلى 15 أيار 1948، وفقدَ مسكنه وسبل عيشه نتيجة نزاع سنة 1948، ولجأ في عام 1948 إلى واحد من البلدان التي تقدم فيها الأونروا خدماتها، وأن يكون مسجّلاً في نطاق عملياتها ومحتاجًا"(1).
ويُلاحظ أن هذا التعريف استثنى الكثير من اللاجئين الفلسطينيين الذين يحق لهم العودة بموجب القانون الدولي والذين ممن هم خارج مسؤولية الأونروا وتعريفها، وهم على الشكل التالي:
- لاجئون فلسطينيون نتيجة حرب 1948 أصبحوا في أماكن لا تقع ضمن دائرة عمليات الأونروا، كما في مصر وشمال أفريقيا والعراق والخليج...
- النازحون الفلسطينيون داخليًّا، الذين بقوا في المساحة التي أصبحت تعرف باسم "إسرائيل" وكانوا أساسًا تحت مسؤولية الأونروا لكنهم استثنوا لاحقًا على افتراض أن على "إسرائيل" ان تعالج وضعهم.
- سكان من غزة والضفة الغربية ( بما في ذلك شرقي القدس) والمتحدّرون منهم الذين نزحوا أول مرة في حرب 1967.
- أفراد رحّلتهم سلطات الاحتلال الإسرائيلية عن الضفة الغربية وغزة بعد عام 1967.
- من أُطلق عليهم صفة "القادمون المتأخرون" أي أولئك الذين غادروا الأراضي المحتلة بغرض الدراسة، أو زيارة أقربائهم، أو العمل أو الزواج...إلخ، وانتهى مفعول إقامتهم التي رخصت السلطات الإسرائيلية بها ومنعتهم لاحقًا من العودة إلى ديارهم.
- فلسطينيون كانوا خارج فلسطين الواقعة آنذاك تحت الانتداب البريطاني حين اندلعت حرب1948، أو كانوا خارج المناطق مع نشوب حرب 1967 ومنعتهم سلطات الاحتلال من العودة.
- فلسطينيون ميسورون لجأوا سنة 1948، لكن كبرياءهم حال دون تسجيل أنفسهم لدى الأونروا(2).
من هنا، ولان الاستثناءات كبيرة وهائلة وتتضمن أعداداً كبيرة من اللاجئين الفلسطنيين، لا بد من اعادة النظر بـ "تعريف الأونروا" باعتبار أنه لم يعالج قضية اللاجئ الفلسطيني من وجهة نظر حقوق الإنسان - التي توفر حماية أوسع للاجئين بما فيها العودة الى الديار وعدم الطرد- إنما تطرق لها من وجهة نظر عملية بحت، أسهمت في التمييز بين لاجئ وآخر دون أي مبرر. لذلك فاننا نقترح اعتماد تعريف موحد للاجئ الفلسطيني "الذي يحق له العودة الى الديار" بناء على قواعد القانون الدولي لحقوق الانسان، على الشكل التالي:
"كل فلسطيني غادر أرض فلسطين التاريخية بسبب الاحتلال، وكل فلسطيني ولد خارج فلسطين ولا يستطيع العودة إلى دياره بسبب المنع الإسرائيلي، بغض النظر عن تصنيفه القانوني تحت فئة لاجئ أو نازح".
ثالثاً: خطر تحول حق العودة الى مجرد حق اقتصادي
خلافاً لما تروّج له إسرائيل وما تذهب اليه بعض الادعاءات الغربية من ان "التعويض" يُعدّ بديلا عن حق العودة، نجد ان مبادئ القانون الدولي العام تكفل للاجئ - سواء اختار العودة إلى دياره أم عدم العودة- حق الحصول على التعويض المناسب، إذ إن التعويض يعتبر عنصراً مكملاً لحق العودة وليس بديلاً عنه بتاتاً، بل يمكن القول أن التعويض هو حق ملازم لحق العودة الى الديار، يستفيد منه كل لاجئ أو مهجر أو مبعد سواء عاد أم لم يعد إلى دياره.
والجدير بالذكر ان مسألة التعويض التي نص عليها القرار 194 تأتي بعد الحق بالعودة وتستند اليه، ولا يجوز ان يُلحظ التعويض بدون حق العودة الى الديار. وقد ذكر القرار المذكور ان التعويض يجب ان يستند الى مبادئ العدالة والانصاف، وليس من الانصاف ابداً ان يحرم اللاجئ من حق العودة الى ارضه مقابل التعويض المادي، او مقابل التعويض الذي يقررونه عنه، من دون استشارته او علمه حتى، وبمقتضى مؤامرات وصفقات تمرر خلسة لتوطين اللاجئين الفلسطينيين مقابل بدل مادي. وفي الاساس، لقد بات جلياً ان الشعب الفلسطيني يرفض قبول تعويض عن أرضه وحقه في العودة اليها، لأن هذه الأراضي هي ملك لشعب وإرث للاجيال، وليس من حق فرد او مجموعة أن تقبض ثمن ملك له الطابع الجماعي اي "أرض الوطن".
وحق التعويض هذا، حق ثابت في القانون الدولي منذ زمن بعيد، ومبني على مبدأ ثابت طُبق على اساسه مبدأ التعويض بدون شروط في اكثر من أربعين حالة دولية مماثلة، فالتعويض حق قائم بذاته مبني على مبدأ "إرجاع الشيء إلى أصله".
وقد تم التأكيد على هذا الحق في القانون الدولي لحقوق الإنسان ، كما أدرج في مؤتمر القانون الدولي الذي نظمته اللجنة الدولية للوضع القانوني للاجئين الذي عقد في القاهرة عام 1992، والذي صدر عنه "إعلان مبادئ القانون الدولي لتعويض اللاجئين"، الذي أكد على "حق مواطني الدولة الذين يطردون من أرضهم بالعودة والتعويض على حد سواء" .
وعلى عكس ما تطالب به إسرائيل فإن حق اللاجئ في مقاضاة إسرائيل ومطالبتها بالتعويض لا يسقط بتوقيع أي اتفاق مع السلطة الفلسطينية، فهو حق مطلق للذي يستحق له هذا التعويض ويمكن ان يطالب به الورثة سواء كانوا افراداً او مؤسسات او دول. اما التعويض المقصود هنا فيتضمن:
1 – التعويض عن الخسائر التي تسبب بها النهب والسلب والتدمير واستغلال العقارات لمدة الاحتلال، وقد أكد على هذا الأمر قرار الأمم المتحدة رقم 52/644 الصادر في 5/11/1998 الذي اشار إلى حق اللاجئين في عائد ممتلكاتهم منذ عام 1948.
2 – التعويض عن الخسارة المادية العامة، وتشمل الطرق والموانئ والمطارات والمحاجر والمياه والزيت والمعادن والثروة السمكية والشواطئ والغابات·.
3 – التعويض عن الخسارة المعنوية الفردية، وتشمل المعاناة النفسية والشتات وانفصال الأسرة والتعذيب وسوء المعاملة والسجن وأعمال السخرة .
4 – التعويض عن الخسارة المعنوية العامة، وتشمل فقدان الهوية والوثائق والسجلات العامة والتطهير العرقي والطرد والمذابح .
5 – التعويض عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وضد السلام، وهذه مستثناة من القرار 194، فهي تخضع لقوانين دولية أخرى ثابتة، ودخلت حيز التطبيق والاقرار الدوليين مع التوقيع على نظام روما الاساسي الذي أنشئت بموجبه المحكمة الجنائية الدولية. (1)
6- حق الدول المجاورة التي استقبلت اللاجئين بالتعويض: (2)
ينص القانون الدولي على حق الدول المجاورة في طلب التعويض من إسرائيل، لانها بسلبها مواطنية اللاجئين وطردهم من أراضيهم، خرقت سيادة تلك الدول بإرغامها على قبول لاجئين غير مواطنين فيها، وأضافت عبئاً جديداً على الدول المجاورة تحملته لأسباب إنسانية وقومية. وهكذا فان القانون الدولي يقر لتلك الدول تعويضاً منفصلاً من إسرائيل، وليس جزءاً من تعويضات اللاجئين ، او تعويضاً مقابل توطين الفلسطيين وابقائهم في اماكن اللجوء كما ترمي اسرائيل وبعض الدول الغربية.
اما قول البعض بان توطين الفلسطينيين وتجنيسهم في مراكز تواجدهم وتعويضهم كبديل عن حق العودة هو مجرد فزاعة، وانه ادعاء لا وجود له، فقد أثبتت المعطيات التاريخية المتوافرة ان "يهودية" الدولة الاسرائيلية ليست مشروعاً جديداً أطلقه جورج بوش في جولته الاخيرة، بل ان الوثائق التاريخية تؤكد ان هناك أكثر من خمسين مشروعاً للتوطين طرحت بشكل صيغ للحل منذ العام 1948 وحتى الآن، وبمشاركة عربية وفلسطينية احياناً، وبأسماء وعناوين مختلفة (1).
والخطر يكمن في هذه المشاريع، ان "حق العودة" الذي هو حق تاريخي انساني سياسي وقانوني لشعب برمته، يراد تحويله الى حق اقتصادي فقط، يقوم على التعويض كبديل للعودة، والى مادة تفاوض تحت عنوان «تعويض المتضررين»، أي تحويله الى مجرد حق اقتصادي يستبدل "المقدس" بحفنة من المال.
رابعاً: التداعيات الاستراتيجية لخسارة هذا الحق
1- على القضية الفلسطينية:
- ان التركيز على حق العودة ومحاولات إسقاطه الدائمة يؤكد بما لا يقبل الشك ان موضوع اللاجئين وحقهم في العودة يشكل لبّ الصراع في المنطقة، وهو العقبة الأساس في وجه مشاريع تصفية القضية الفلسطينية:
- ان القبول بالتعويض المادي مقابل حق العودة، والتفريط بهذا الحق سوف يقضي على القضية الفلسطينية برمتها، فالعودة الى تاريخ القضية يفيد ان "النضال من أجل العودة واستعادة الارض" هو الذي شكل الحافز الاول للفلسطينين للمقاومة والدفاع عن أنفسهم، وحماية هويتهم الوطنية، وفي وقت لاحق، كان هذا الحق الدافع الأساسي لاندلاع الثورة الفلسطينية المعاصرة.
- هدر حق العودة يشكل نوعاً من الابادة السياسية الجماعية لشعب من الشعوب وتغييبه عن الخريطة، تمهيداً لانكار حقه في الحصول على دولة. فبعد ان احتلت اسرائيل الارض، تحاول ازالة "الشعب" الذي يشكل نواة الدولة وعنصراً اساسياً من اركانها الثلاث ( ارض وشعب وسلطة).
- إن القبول بتوطين الفلسطينيين في أماكن تواجدهم، ستثبت المقولة الاسرائيلية التي تأسس على أساسها الكيان وهي: "ارض بلا شعب لشعب بلا أرض"، وستنسف اي مطالبة مستقبلية بحق الفلسطينين في أي شبر من أرض فلسطين.
- التخلي عن المطالبة بحق العودة سوف يؤكد مقولة "الدولة اليهودية" وسيجعل من المواطنين العرب الموجودين في اراضي اسرائيل، مواطنين درجة ثانية. وقد ذكر شيمون بيريز في كتابه "الشرق الاوسط الجديد" ان "المطالبة بحق العودة اذا قُبلت ستمسح الوجه القومي لاسرائيل، محوّلة الاغلبية الى أقلية. لذلك ليس هناك فرصة لقبولها لا الآن ولا في المستقبل، لانها استراتيجية تدمر كياننا الوطني".(1)
- انطلاقاً من التجارب السابقة ومن ادراكنا لجوهر العقلية الاسرائيلية، فان حصول اسرائيل من الفلسطينيين على تنازل عن حق العودة مقابل التعويض المادي، سيدفعها الى المطالبة بالمزيد من التنازلات كرسم حدود جديدة، والتنازل عن القدس، والابقاء على المستوطنات الخ...
- يحاول الاسرائيليون من خلال التسويات مع الفلسطينيين إلغاء القرار 194 وجميع القرارات الاخرى التي تكفل للفلسطينيين حقوقهم بموجب القانون الدولي، وهذا ما نستنتجه من كتاب بيريز الذي دعا الى "التحول من استراتيجية الاغاثة الى استراتيجية إعادة التأهيل، وانشاء بنى تحتية ومدن مكان المخيمات... وعندها لا ضرورة لابقاء صفة لاجئ حسب وثائق الامم المتحدة"(2).
- على الامة ككل:
بالرغم من ان الدول العربية أكدت مراراً عبر اجهزتها الرسمية والشعبية على اهمية حق العودة، يُلاحظ ان هذه القضية احتوت مقاربتين (عربياً) : مقاربة علنية ومقاربة سرية.
في العلن طالبت الحكومات العربية بعودة اللاجئين وذلك عبر قرارات الجامعة العربية ووفودها الى الامم المتحدة، لكن بالتوازي مع هذا التركيز الاعلامي العلني :
- قامت الدول العربية بالسماح لليهود العرب بالهجرة من بلدانهم العربية الى فلسطين، وقد تم تنفيذ هذا الامر على موجات متلاحقة رفعت عدد اليهود في فلسطين وزودت الاسرائيليين بقوة عمل هائلة وقوة قتال اضافية(1).
- انخرط بعض العرب في المشروعات الدولية والاميركية لحل مشكلة اللاجئين كالاسكان والتوطين واعادة التأهيل والتعويض وغيرها.
- قام بعضهم بمعاهدات صلح منفردة مع اسرائيل، ومباركة الاتفاقيات الاسرائيلية الفلسطينية والتي لم تذكر في اي منها حق عودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم.
وانطلاقاً من عدم توحيد الموقف العربي تجاه القضية، يمكننا ان نقول ان خسارة هذا الحق والتفريط به يمكن ان يؤدي الى النتائح التالي:
- تحقيق حلم الشرق الاوسط الكبير على حساب تصفية القضية الفلسطينية:
فالتخلي عن حق العودة مقابل بدل اقتصادي، يفيد بأن السلام على الطريقة الاسرائيلية وتصفية القضية الفلسطينية سيكون أحد الاسس التي ستقوم عليها السياسة الاسرائيلية التي ترمي الى رسم "شرق أوسط جديد" بشرّ به بيريز واستفاقت عليه كوندوليزا رايس خلال العدوان على لبنان. وفي هذا الاطار، نورد ما أدرجه شيمون بيريز في كتابه، الذي ذكر فيه ان الاسرائيليين قاموا برسم برنامج خاص "للشرق الاوسط الجديد"، يقوم على "التعاون الاقتصادي اولاً ثم يعقبه تفاهم سياسي متواصل الى حين تحقيق الاستقرار..."ويضيف بيريز في كتابه :" وكنتيجة لذلك فقد بدأت الشركات الاوروبية الرئيسية والبنك الدولي في تطوير خطط لتقاسم النشاط التجاري في الشرق الاوسط، كما بدأ البنك الدولي نشاطه حيث تم وضع الاسس اللازمة لانشطة مختلفة...."(2).
- ان التخلي عن هذا الحق مقابل تعويض، سوف يريح الاسرائيليين ويجعل من المشروع الغربي الذي بدأ يتعثر في الشرق الاوسط، يستعيد عافيته وينطلق من جديد لتقسيم المنطقة دويلات طائفية متناحرة كما هو مخطط لها.
- بعد الهزيمة التي مُنيت بها في حرب تموز 2006 ، تتجه اسرائيل الى خسارة هيمنتها ووظيفتها ودورها في الشرق الاوسط، فللمرة الأولى تعجز إسرائيل عن توفير البضاعة المطلوبة أميركياً اي شن الحروب بالوكالة.... وهكذا فان تصفية القضية الفلسطينية من خلال التخلي عن حق العودة ، سيساعد اسرائيل في ترميم الهيبة والردع وسيجعل من الدول العربية خاضعة للنفوذ الاسرائيلي وستعود اسرائيل حاجة للدول الغربية بعد قدرتها على تأدية الدور والوظيفة المطلوبة منها.
- تكريس وجود اسرائيل النهائي مع هدر حق العودة، يعني تكريس قاعدة طرد الشعوب من اوطانها واستبدلها بشعوب اخرى ما سيشكل سابقة في العلاقات الدولية قد تخل بالاستقرار العالمي.
- اما في لبنان، فان التخلي عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين، والقبول بتوطينهم في لبنان سيؤدي الى زعزعة الاستقرار اللبناني، والرزح تحت عبء اقتصادي واجتماعي كبيرين، وقد يؤدي الى إعادة الحرب الاهلية فيه، فجغرافية لبنان وديمغرافيته والتوازنات الطائفية الهشة فيه لا تسمح بهذا الامر، ولنا مت تجارب الماضي عبر مؤلمة.
خاتمة:
لا شك ان حق العودة قد أخذ حيزاً كبيراً من التفكير السياسي والقانوني والانساني للفلسطينيين والعرب على مدى عقود من الزمن منذ بروز القضية الفلسطينية، ولكنه اليوم واكثر من أي وقت مضى، يبدو حاجة وطنية فلسطينية وحاجة قومية. فما قيمة هذه الامة حين تقتطع منها دولة ويقتلع شعب من أرضه، ولا تفعل شيئا حيالها بل تساوم عليها وتشارك في التآمر ضدها؟
من أجل بقاء احترام الذات ومن أجل الحفاظ على مصير الامة ككل (وقد بيّنا مخاطر التفريط به)، فان حق الفلسطينيين في العودة اضافة الى كونه مقدساً، يجب ان يتحول الى مطلب قومي، لانه حق للامة العربية بضمان وجودها ومصيرها ومصير شعوبها، وكرامتها قبل اي شيء آخر.
انه حاجة ملحة لتوحيد الصف الفلسطيني حوله، وضرورة قومية تقنع العرب أن زمن الهزائم والتنازلات والتفريط بالحقوق المشروعة قد ولى، وإن ما استطاع اللبنانيون تحقيقه في تموز 2006 قد أعاد الامل للفلسطينيين والعرب جميعاً، بأن عدالة قضيتهم وأحقيتها ستجعلهم يحققون المعجزات، وما كان مستحيلاً في السابق، بات ممكناً اليوم أوغداً.


(1) د. شفيق المصري، تقرير المصير في تطوره القانوني، مجلة أبحاث، الجامعة الاميركية.
(1) انظر في هذا المجال نصوص القرارات الدولية الخاصة بفلسطين، ومنها على سبيل المثال القرارات: 2649، 2728، 3236 الخ...
(2) نصت الفقرة 11 منه، على: "وجوب السماح بالعودة، في أقرب تاريخ عملي، للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع التعويض عن أملاك الذين يختارون عدم العودة وعن كل خسارة في الأملاك أو أي ضرر لحق بها، عندما يكون من الواجب، وفقًا لمبادئ القانون الدولي والإنصاف، أن يعوض عنها من قبل الحكومات أو السلطات المسؤولة ".

(1) المادة 13 : "لكل فرد حرية النقل واختيار محل إقامته داخل حدود كل دولة. يحق لكل فرد أن يغادر أية بلاد بما في ذلك بلده كما يحق له العودة إليه."

(2) المادة 14 تنص: "لكل فرد الحق أن يلجأ إلى بلاد أخرى أو يحاول الالتجاء إليها هرباً من الاضطهاد. لا ينتفع بهذا الحق من قدم للمحاكمة في جرائم غير سياسية أو لأعمال تناقض أغراض الأمم المتحدة ومبادئها."

(3)  تعريف اللاجئ بموجب اتفاقية 1951 : "كل شخص يوجد بسبب خوف له ما يبرره من التعرض للاضطهاد بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معينة أو آرائه السياسية خارج بلد جنسيته و لا يستطيع أو لا يريد أن يستظل بحماية ذلك البلد أو كل شخص لا يملك جنسية، ويوجد خارج بلد إقامته المعتادة السابق بنتيجة مثل تلك الأحداث و لا يستطيع أو لا يريد بسبب ذلك الخوف أن يعود إلى ذلك البلد".
(1) - انظر موقع الأونروا: http://www.un.org/unrwa/arabic
(2) - إيليّا زريق: اللاجئون الفلسطينيون والعملية السلمية، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، ط2، 1998. ص13-14.
(1) انظر في هذا المجال: مقال للدكتور سلمان ابو ستة، صحيفة الحياة.
(2) المرجع نفسه.
(1) انظر: الملف التوثيقي الذي أعدته وكالة الشرق الجديد بيروت ، لبنان في نيسان 2008- والتحقيق الذي اعدته الكفاح العربي في شباط 2008- وضمن اجابات الدكتور سلمان ابو ستة على موقع الجزيرة الالكتروني- ومقال نافذ ابو حسنة " اللاجئون الفلسطينيون ومخاطر اعلان الدولة"، مجلة شؤون الاوسط، المجلد السابع عشر، العدد 92، بيروت ، 2000.
(1) شيمون بيريز، الشرق الاوسط الجديد، ترجمة محمد عبد الحافظ، الاهلية للنشر والتوزيع، الاردن، 1994، ص 200-215 .
(2) المرجع نفسه.
(1) انظر الموسوعة الفلسطينية، الهجرات اليهودية من البلدان العربية الشرقية والمغربية وتأثيرها في الخريطة الديمغرافية في المنطقة، القسم العام، المجلد الرابع، ص 521.
(2) شمعون بيريز، الشرق الاوسط الجديد، ترجمة محمد علي عبد الحافظ، الاهلية للنشر والتوزيع، الاردن،1994، ص 14-15

الأربعاء، 11 سبتمبر 2019

تعذيب وإخفاء قسري ومنع من السفر حملة سعوديه ممنهجه ضد الفلسطينيين وكوادر...

هل تعتبر تصريحات العمادي مقدمة لتقارب سعودي قطري؟ شاهد الفيديو المرفق

هل تعتبر تصريحات العمادي مقدمة لتقارب سعودي قطري؟ شاهد الفيديو المرفق

الاثنين، 2 أغسطس 2010

وزارة العمل المقالة تفتح باب التسجيل لمراكز التدريب المهني

وزارة العمل المقالة تفتح باب التسجيل لمراكز التدريب المهني
نشر الثلاثـاء 20/07/2010 الساعة 10:12
تكبير الخط تصغير الخط
غزة- معا- أعلنت مراكز التدريب المهني التابعة لوزارة العمل بالحكومة المقالة عن بدء التسجيل للعام الدراسي (2010 -2011 ) وذلك في مراكز التدريب المهني المنتشرة في محافظات غزة اعتباراً من 18/7/2010 لغاية 20/8/2010 في عدة تخصصات مختلفة لعدد "14" مهن ة .
Image

وحددت الإدارة الشروط التي يجب توافرها لقبول الطلاب منها ان يكون الطالب قد اجتاز بنجاح مرحلة التعليم الأساسي (التاسع كحد ) وان لا يقل عمره عن 16 عام ولا يزيد عن 25 عاما، وان يكون لائقا طبيا وان يجتاز المقابلة الشخصية وان يتقدم بالوثائق صورة هوية أو جواز سفر وصورة عن شهادة الميلاد وصورة شخصية عدد 2 وصورة اخر شهادة حصل عليها الطالب مصدقة من الجهات المختصة.

وأكد حسام أحمد مدير عام التدريب المهني أن الإدارة العامة للتدريب المهني سعت إلى تطوير بعض الأقسام نظرا لحاجة سوق العمل منها قسم صيانة الحاسوب والالكترونيات في مركز الإمام الشافعي وتم إضافة قسم كهرباء عامة في مركز تدريب مهني خان يونس وقسم التبريد والتكيف في مركز تدريب مهني رفح.

وأوضح أحمد أن الادارة العامة للتدريب المهني تسعى نحو الارتقاء بالخدمات المقدمة للجمهور لذلك قامت بتوحيد الخطط والمناهج التي تدرس للطلاب لتوحيد مخرجات التعلم عند الطلاب بما يحقق الفائدة للجميع .

ودعا مدير عام التدريب المهني الطلاب الراغبين بالتسجيل التوجه إلى مراكز التدريب المهني المنتشرة في المحافظات كل حسب منطقة سكنه، مشيرا إلى أن أخر موعد للتسجيل 20/8/2010 على أن يتم عقد المقابلات الشخصية في 22/8/2010.

كما افتتحت الإدارة العامة للتدريب المهني دورة عمومي مخفف في مركز تدريب مهني الامام الشافعي لسائقي السيارات الملاكي حتى يصبحوا سائقين عمومي.

برعاية معالي وزير الصحة

خر تحديث للصفحة الساعة 12:02 (غرينتش), الأربعاء, 21 يوليو 2010
برعاية معالي وزير الصحة ... تنمية القوى البشرية تحتفل يتخريج عدد من منتسبي الدورات التدريبية بالوزارات
أشاد معالي وزير الصحة د. باسم نعيم بانجاز مثل هذه الدورات التدريبية والتي تأتي في إطار الخطة الإستراتيجية لتحقيق ثورة تعليمية وتدريبية للكادر البشري خاصة في وزارة الصحة. جاء ذلك حلال حفل تخريج عدد من منتسبي الدورات التدريبية بالوزارات المشاركة والتي شملت 3 دورات في الرخصة الدولية لقيادة الحاسب الآلي، ودورة جلب التمويل ( TOT )، وفن الاتصال والتواصل، وصيانة الأجهزة اللاسلكية، حيث نفذت تلك الدورات بالتنسيق مع وزارتي العمل والداخلية وديوان الموظفين العام وبحضور د.ناصر أبو شعبان مدير عام تنمية القوي البشرية وم. سمير مطير مدير عام ديوان الموظفين العام. وأوضح الوزير نعيم في كلمته على أنّ مستوى التعاون ما بين الوزارات والمؤسسات والهيئات والجهات المختلفة يعد مفخرة واعتزاز ومؤشر طيب على مدى حرص تلك الجهات على بناء الكادر البشري وتطوير أداؤه، مؤكدا حرص الوزارة على تحقيق روح الفريق الواحد في رفع كفاءة العمل. وقال الوزير نعيم " إن العام 2010 شهد نقلة حيوية في مجال التطوير والتدريب خاصة بعد الحرب على غزة، وانه تمّ إرسال بعثات الطبية إلى مختلف البلدان العربية وأخرى تمت عبر نظام الفيديو كونفرانس بالتعاون مع اتحاد أطباء العرب، مضيفاً أن وزارته على استعداد دائم للتعاون التام في تنفيذ مختلف الدورات وفي شتى المجالات بما يصب في صالح الارتقاء بالأيدي العاملة ويسهم في تحقيق كفاءة اكبر في العمل، مهنئا المتدربين على تميزهم في مثل هذه الدورات وحرصهم على إنجاحها، ومتمنيا لهم مزيدا من النجاح والتفوق. من جانبه رحب د.ناصر أبو شعبان مدير عام تنمية القوى البشرية بالوزارة بالحضور، مؤكدا على أنّ التدريب والتطوير في أي مؤسسة يعد أحد عوامل النهوض والارتقاء بها، موضحاً أنّ الكفاءة وإتقان العمل يتطلبان
تكاملاً في الأدوار بين الجهات المعنية في العمل والمعنية بتحسين أداء الفرد لتفادي السلبيات وتعزيز والايجابيات وصقل المهارات وتحقيق الاستقرار الوظيفي. وقدّم د. أبو شعبان شكره وتقديره لكل من وزارة العمل وديوان الموظفين العام وزارة الداخلية على تجاوبهم الفعال والطيب في انجاح مثل هذه اللقاءات التدريبية، مشيراً أنّ إدارته نفذت هذا العام العديد من الأنشطة التعليمة والتدريبية واستهدفت 250 متدرب بينهم 100 طبيب، معربا عن شكره لمعالي وزير الصحة د. باسم نعيم على دعمه المتواصل لدفع عجلة التدريب والتطوير في وزارة الصحة لتحقيق أهدافها السامية الرامية للارتقاء بالخدمات الطبية الصحية في وطننا الحبيب. إلى ذلك اعتبر أ.حسام رمضان أحمد مدير عام التدريب المهني بوزارة العمل أن تنفيذ مثل هذه الفعاليات التدريبية هو أحد أسباب مقاومة الحصار ويعد تأكيداً على أن لاشيء يحول بين الفرد وبين الوصول إلى منابع المعرفة والعلم لصناعة الإنسان وتطويره، مشيراً أن الدورات يعد مدخلا هاما نحو تحسين وتطوير جودة العمل ويسهم في تخفيض التكلفة على قاعدة تعدد المهارات لتساعد الموظف على القيام بعمله وفق مخطط وظيفي واضح ووفق مدة زمنية معينة، داعيا الجميع إلى التركيز على هذه الجانب الحيوي لتنمية وتطر ير الموارد البشرية كل في تخصصه وموقعه. بدوره أوضح م. سمير مطير مدير عام ديوان الموظفين العام الدور الهام الذي يقوم به المعهد الوطني التابع لديوان الموظفين العام في مجال الدورات تدريبية والذي يتم عبر التعاون والتنسيق الكامل مع مختلف الوزارة، مقدماً شكره لكل يتعاون مع ديوان الموظفين العام لانجاز مثل الدورات. وفي نهاية الحفل تم توزيع الشهادات على المتدربين والذين بلغ عددهم 107 متدرب من مختلف الوزارات المعنية والمساهمة في الدورات.

الجمعة، 16 يوليو 2010

بريطانيا في قفص الاتهام لدورها في جريمة النكبة

بريطانيا في قفص الاتهام لدورها في جريمة النكبة

حسام رمضان أحمد

بعد تعالي النداءات بمقاضاة بريطانيا بسبب جريمتها في إصدار «وعد بلفور» ودورها في إقامة «الوطن القومي اليهودي على أرض فلسطين»، تأتي الورقة التي أعدّها جوزيف هوتنغ الباحث في القانون الدولي في جامعة لندن، في سياق المخاوف البريطانية من إدانة بريطانيا بجريمة التسبّب في خلق مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، وما يترتب على ذلك من وقوع بريطانيا تحت طائلة التعويضات الكبيرة التي يجب أن تدفعها للشعب الفلسطيني. وتركّز ورقة جوزيف على ما تسميه «تاريخ البيان الحاسم»، حيث تريد أن تركّز مقاضاتها على حقبة الانتداب، لأنها تظن أنها كانت تحت مظلة القانون الدولي، وأنها كانت تنفذ إرادة عصبة الأمم، المتمثلة في إقامة الوطن القومي اليهودي من خلال تنفيذ صك الانتداب على فلسطين، مع محاولة التملص من وعد بلفور وملحقاته.

جدير بالعلم أن القوة العسكرية البريطانية التي احتلت فلسطين باشرت فوراً بخلق الأجواء التي تسهّل مهامها الانتدابية في فلسطين وخصوصاً مهمة إنشاء الوطن القومي اليهودي، أما تزايد حرص وإصرار الإدارات البريطانية المتعاقبة على انتزاع الأرض من الفلاحين الفلسطينيين وتقديمها إلى اليهود، فيشير إلى ارتفاع مستوى التنسيق والتشاور بين المنظمة الصهيونية والحكومات البريطانية المتعاقبة، ويوضح أن كل الإجراءات التي قامت بها الحكومات البريطانية جاءت في سياق الرغبات الصهيونية، وتسهيلاً لمهمة السيطرة اليهودية على فلسطين.

فالجريمة التي ارتُكبت بحق الشعب الفلسطيني من القوى الاستعمارية الكبرى المتمثلة في المملكة المتحدة (بريطانيا) وحليفتها الحركة الصهيونية اللتين رأتا في لحظة معيّنة أن مصالحهما لا تكون إلا من خلال ارتكاب الجريمة التاريخية الكبرى بحق الشعب الفلسطيني، هذه الجريمة التي لم تتوقف منذ إصدار وعد بلفور، وما بُني عليها بعد ذلك من قرارات لعصبة الأمم، ابتداءً بصك الانتداب الذي أعطى تفويضاً دولياً للقوة العسكرية التي احتلت فلسطين إبان الحرب العالمية الأولى بتنفيذ وعد بلفور انسجاماً مع اتفاق (سايكس بيكو) 1916، وصولاً إلى قرار التقسيم 181 لسنة 1947، وبذلك فإن عصبة الأمم التي تبني قراراتها على نتائج الحروب، هي متورطة أيضاً في خيوط الجريمة، وهي – في الحد الأدنى- لا تستقيم قراراتها مع موازين الحق والعدل، ولذلك فهي باطلة، وكل ما بُني عليها فهو باطل.

بفعل التنافس الاستعماري من جهة والأطماع الصهيونية من جهة ثانية، أصبح الشعب الفلسطيني شعباً مشرداً لا يستطيع أن يجتمع فوق أرضه، تمنعه قوة عسكرية من ذلك، وأصبح مستقبله مهدداً لأن حق عودته ولملمة شمله فوق أرضه موضوع فوق طاولة المفاوضات مع العدو الذي يحرص على التنصل من جريمته والتخلي عن تحمل أية مسؤولية، سواء سياسية أو قانونية أو أخلاقية أو إنسانية.

لذلك فإن استمرار هذا الوضع يضاعف المسؤولية التاريخية في ما يخصّ المملكة المتحدة عما لحق بالشعب الفلسطيني جراء احتلالها لفلسطين ومساهمتها في إقامة دولة الكيان الصهيوني فوق الأرض الفلسطينية، لذلك فإن الصيحات بمقاضاتها وتنظيم دعوى قضائية ضدها كانت حاضرة بقوة في كل الفعاليات التي يحييها الفلسطينيون في مناسباتهم الوطنية حتى وصلت هذه الصيحات إلى قلب مجلس العموم البريطاني، وسمع بها كل أعضاء مجلس العموم الذين تحدث بعضُهم بوجوب تقديم اعتذار للشعب الفلسطيني عن «وعد بلفور». لكن هناك من يرفض ذلك ويقول بأن محاكمة بريطانيا أمر غير ممكن، لذلك تداعى عدد من الباحثين البريطانيين في كلية الحقوق في جامعة لندن للبحث في دفوع بريطانيا إذا رُفعت دعوى قضائية بحقها..

من هنا تدرس ورقة جوزيف هوتانغ من جامعة لندن السؤال المتعلق في ما إذا كانت بريطانيا العظمى تتحمل مسؤولية قانونية في خلق قضية اللاجئين الفلسطينيين.

المسؤولية في العلاقات الدولية المتعلقة بوضع معين، تأخذ أشكالاً متعددة، منها المسؤولية الأخلاقية أو السياسية أو القانونية للدولة أو مجموعة من الدول إزاء حادث معين أو وضع معين؛ إذ يمكن معاينة كل منهما بالاعتماد على تركيز التحليل.

تقوم ورقته بدراسة الأسئلة المتعلقة بالمسؤولية تحت القانون الدولي فقط، بمعنى، هل قامت بريطانيا العظمى بخرق أي من التزاماتها تحت القانون الدولي بشكل أدى إلى أو أسهم في خلق قضية اللاجئين الفلسطينيين؟ ويحدد أن النقاش في ورقته هو قانوني على وجه التحديد ولا يعالج الأبعاد الأخلاقية أو السياسية للموضوع، ويؤكد أن ورقته تسهم في تبيين بعض الاعتبارات القانونية المتعلقة بتحديد ما إذا كانت بريطانيا العظمى تتحمل مسؤولية، تحت القانون الدولي، بخلق قضية اللاجئين الفلسطينيين.

من البداية يخلص إلى أنّ من غير الممكن الوصول إلى قرار إذا كانت بريطانيا العظمى متورطة بهذا أو لا، لأن هذا في رأيه سيتطلب فحصاً دقيقاً للحقائق والدلائل التي تتجاوز حدود ورقته التي يعتمد فيها على تركيز التحليل من الناحية التاريخية، ويعتبر أن المعايير المعاصرة للقانون الدولي في غير محلها لذلك فإنه يرى أن تقاس المسؤولية القانونية بالرجوع إلى القانون الدولي كما كان خلال النصف الأول من القرن العشرين..

ويبدأ بتحديد الهيكلية القانونية التي قام بتطبيقها، لتحديد ما إذا كانت بريطانيا تتحمل مسؤولية في خلق قضية اللاجئين الفلسطينيين، وهو هنا يتعامل مع الأسئلة البنيوية بغض النظر عن الالتزامات المعينة التي يمكن أن تكون مشمولة، ويتساءل عن كيفية قيام القانون الدولي بتنظيم إسناد مسؤولية الدول؟ ثم يقوم بتطبيق هذه الهيكلية على الموضوع المحدد لقضية خلق مشكلة اللاجئين الفلسطينيين. وبما أن أي تحليل في هذه القضية يجب أن يغطي جملة من المواضيع، إلا أنه اختصرها في كيفية تعامل المملكة المتحدة مع أي ادعاء بمسؤوليتها عن خلق قضية اللاجئين الفلسطينيين. ويهدف من هذه الورقة إلى تحديد النقاط التي تعتقد المملكة المتحدة أنها ستكون في صالحها بشكل أساسي وفي ضوء المواضيع الرئيسية.

ويتضح من هذه الورقة كيف تشعر بريطانيا بالتبعية القانونية عن دورها في الجريمة التي لحقت بالشعب الفلسطيني، والتي انتهت بتهجير أكثر من ثلثي الشعب الفلسطيني وتركت كل أرضه نهباً لقطعان المستوطنين الغرباء الذين جلبتهم إلى الأرض الفلسطينية، وإذا كانت المملكة المتحدة تريد أن تحتكم فقط للمعايير القانونية التي تخصّ النصف الأول من القرن العشرين، وتحديد القواعد القانونية التي يسير عليها العرف القانوني الدولي في متابعة الحقوق، فإن الضحايا ما زالوا قائمين وفصول الجريمة لم تنتهِ، والأدلة على تورط الأطراف ماثلة.

لذلك فإن ورقة جوزيف هوتنغ يجب أن تحرض الباحثين القانونيين أهل الاختصاص من أبناء الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية، ليأخذوا دورهم في هذا الباب ويعدّوا عدّتهم لتحقيق النصر القانوني على بريطانيا في المعركة القضائية المنتظرة جراء جرائمها بحق الشعب الفلسطيني.